الجلاوي يكتب "محاولته الأخيرة"

 

 

 المحرر الثقافي: (صحيفة الطليعة الكويتية الأربعاء 26 محرم 1425هـ - 17 مارس 2004 العدد 1619 )

العزف على العود وفن الديكور كانا شعرا إضافيا

المغربي يحرس ماء النبع والجلاوي يكتب "محاولته الأخيرة"

   

بلمسات جميلة من أنامل ناعمة وشت ببصمات مي الشراد وميس العثمان أضيء ديكور مسرح "الخريجين" بالشعر والكلمة والنغم·

أمسية شعرية تضافرت معها أوتار العازف الموهوب فيصل المغربي، ملأت المسرح بالنغمات وهيأت للإنصات لقصائد محمد هشام المغربي والشاعر البحريني علي الجلاوي، قدمت الأمسية إيمان حسين بكلمات لم تبعد كثيرا عن الشعر وأجوائه·

 

الشاعر الدلموني

 

الشاعر البحريني علي الجلاوي قرأ أكثر من نص بيّن فيه تمكنه وعبّر عن لونه الكتابي، وإن عابه انفعاله وسرعته في القراءة·

وفي "محاولة أخيرة" توجه الى الأنثى بنداءات حائرة بعد أن استغلق عليه اللفظ والتعبير:

ماذا أسميك

- يا امرأة تستفيق على دمها -

حين لا تُنصِفُ الكلمات المغني

وماذا علي أقول

وقد غادرتني النوارس عابرة

كان لتكرار مطالع الفقرات الشعرية وقع جميل في تقريب المعنى، خصوصا وأنها جاءت على شكل تساؤلات تحمل قدرا من الإجابة وحرقة الشوق وارتباك الوصف:

أسمّيك / لا··/ لن أسمي

فقالوا له اضرب··

فإن المدينة تخرج يا سحرُ صلبانها

أجمعوا ما تيسر من قهرهم

ثم قالوا له: ألق أني··

فألق فؤادا تفرج بالنخل والبحر

حينا رأيتك

سيدة خرجت من مآذن مؤمنة

ترفل

أردانها ببياض النذور بما··

عقدوا من خيوط بشباكها·

ويحاول الجلاوي تعداد أوصافها ومسمياتها: محاريب، حناء، مواويل، الى أن يعود ويعترف آخر النص أن يبقيها بلا وصف ولا كلمات كي يبقي فيها ألقها·

في قصيدة أخرى طويلة بعنوان "صلاة الروح" يتضح أسلوب الشاعر وطريقته أكثر في توظيف الجمل الشعرية المختارة بدقة وبتكرار أيضا (وإن لم يوظف هذا التكرار جيدا كما في النص الأول):

قليل من الحزن يكفي

إذا اشتعلت قدماي بماء المسافة

أو عمّدتني المنافي

خشوع المصلين

من قامة في المدى

ويلزم الجلاوي نصه بقافية لنهايات المقاطع، يحتفظ بها رغم طول القصيدة وقداسة التسابيح الروحية التي قد لا يحتاج "المصلي" معها الى قيد:

إذا انتفض الحلم فيّ

أغصُّ عليَّ وأخرِجُ رأسي

فكيف أقولُ انتبهتُ؟

وبعضي بماء اضطجاعي تخدّر

ترتسم ملامح المحبوبة بين ضباب المنافي، تارة بلدا يعيش في قلبه الشاعر غربة، وتارة روحا قلقة لم تستقر أو:

تمشي على النار من غير أن تفقد الصلوات

ومن غير أن تفقد الروح منها حضورا

إذا ذهبت

أبقت النصل في جسدي

ودعتني الى ملتقى لا يعود

يتنقل الجلاوي في نصه هذا الطويل الى أكثر من موقع روحي ونفسي معلنا حاجته الى حضن: بلاد، امرأة، صوت، دفء، أو حتى موت، لكنه في كل حالاته لم يطلب إلا "القليل"·