مقابلة سريعة مع ابن عربي |
||
ذرك يا ابن عربي، مازال القوم يختصمون في أثرك، من قائل بكفرك وزندقتك، وقائل وسطي بانحرافك وشطحك، ومريد وجدك قطب دائرة الأولياء، وبلغة علم الحكماء والعرفاء، أكثرهم اختصمك عن جهل، إما دليله قول إمام وجدك ضالا فأعرض، وغير مدرك لأثرك فأغلق خلفه الباب، ووجدك ربك عائلاً فأغنى، فأما ببن عربي فقل ما تشاء، فقد مضى الرجل بجسده، وترك تراثه تتناهبه المتردية والنطيحة وما أكل السبع، إلا الرهط اللمم.
يا ابن عربي ما تقول في هذا العالم المجهول؟ يا ابن البحراني فوالله لو كنت أعلم بجهلهم لتركتها سائبة، ولجعلت عاليها سافلها، ولكن موعدهم الصبح، تصبح بهم يلقون عليَّ لقصر إدراكهم نعوت الجهلة، ويستقيمون على طريقتهم (المثلى)، وعلى ما وجدوا عليه آبائهم، فصدع بعزلتك إنك من المغضوب عليهم بذكرك لي، وإن أردت فابتغي سلما في السماء، هو أقرب من إضلالهم وأخذهم للباطن، (أما العالم في نفسه فليس إلا خيالا وحلما يجب تأويله لفهم حقيقته)، فـ(ما ثم إلاّ هو وما هو إلاّ هو). وقد قال الناطق باسمنا أبي سعيد الحلاج: روحه روحي وروحي روحه نحن روحان حللنا بدنا فإذا أبصرتني أبصرته وإذا أبصرته أبصرتنا فجمع لهذا القول أكابرهم، فلن يجدوا غير حرقه رميا بالزندقة والكفر سبيلا عليه، وسيقولون لولا موتك لرجمناك، وما نراك إلا اتبعك أراذلنا، فدعهم يخوضوا ويلعبوا ويلههم الأمل، لقد لمست الحقيقة بأصابعي هذه، فماذا بعد الحق إلا الضلال.
|